responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 278
وَقَوْلُهُ: وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً قِيلَ: مَعْنَاهُ زُرْقُ الْعُيُونِ مِنْ شِدَّةِ مَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْأَهْوَالِ يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَتَسَارُّونَ بَيْنَهُمْ، أَيْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا أَيْ فِي الدَّارِ الدُّنْيَا، لَقَدْ كَانَ لُبْثُكُمْ فِيهَا قَلِيلًا عَشَرَةُ أَيْامٍ أَوْ نَحْوُهَا، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ أَيْ فِي حَالِ تَنَاجِيهِمْ بَيْنَهُمْ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً أَيِ الْعَاقِلُ الْكَامِلُ فِيهِمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً أَيْ لِقِصَرِ مُدَّةِ الدُّنْيَا فِي أَنْفُسِهِمْ يَوْمَ الْمَعَادِ، لِأَنَّ الدُّنْيَا كُلَّهَا وَإِنْ تَكَرَّرَتْ أَوْقَاتُهَا وَتَعَاقَبَتْ لَيَالِيهَا وأيامها وساعاتها، كأنها يوم واحد، ولهذا يستقصر الكافرون مُدَّةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَكَانَ غَرَضُهُمْ فِي ذَلِكَ دَرْءَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِقِصَرِ الْمُدَّةِ، وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ- إلى قوله- وَلكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ [الرُّومِ: 55- 56] وَقَالَ تَعَالَى: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ [فاطر: 37] الآية، وَقَالَ تَعَالَى: كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَسْئَلِ الْعادِّينَ قالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ [الْمُؤْمِنُونَ:
112- 114] أَيْ إِنَّمَا كَانَ لُبْثُكُمْ فِيهَا قَلِيلًا، لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ لَآثَرْتُمُ الْبَاقِيَ عَلَى الْفَانِي، وَلَكِنْ تَصَرَّفْتُمْ فَأَسَأْتُمُ التَّصَرُّفَ، قدمتم الحاضر الفاني على الدائم الباقي.

[سورة طه (20) : الآيات 105 الى 108]
وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً (105) فَيَذَرُها قَاعًا صَفْصَفاً (106) لَا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً (107) يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً (108)
يقول تعالى: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ أَيْ هَلْ تَبْقَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَوْ تَزُولُ؟ فَقُلْ يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً أَيْ يُذْهِبُهَا عَنْ أَمَاكِنِهَا وَيَمْحَقُهَا وَيُسَيِّرُهَا تَسْيِيرًا فَيَذَرُها أَيِ الْأَرْضَ قَاعًا صَفْصَفاً أَيْ بِسَاطًا وَاحِدًا، وَالْقَاعُ هُوَ الْمُسْتَوِي مِنَ الْأَرْضِ، وَالصَّفْصَفُ تَأْكِيدٌ لِمَعْنَى ذَلِكَ، وَقِيلَ الَّذِي لَا نَبَاتَ فِيهِ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَإِنْ كَانَ الْآخَرُ مُرَادًا أَيْضًا بِاللَّازِمِ، وَلِهَذَا قَالَ: لَا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً أَيْ لَا تَرَى فِي الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ وَادِيًا وَلَا رَابِيَةً وَلَا مَكَانًا مُنْخَفِضًا ولا مرتفعا، كذا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ.
يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ أَيْ يَوْمَ يَرَوْنَ هَذِهِ الْأَحْوَالَ وَالْأَهْوَالَ يَسْتَجِيبُونَ مُسَارِعِينَ إِلَى الدَّاعِي حَيْثُمَا أُمِرُوا بَادَرُوا إِلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي الدُّنْيَا لَكَانَ أَنْفَعَ لَهُمْ وَلَكِنْ حَيْثُ لَا يَنْفَعُهُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا [مَرْيَمَ: 38] وَقَالَ: مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ [القمر: 105] وقال مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: يَحْشُرُ اللَّهُ النَّاسَ يوم القيامة في ظلمة، ويطوي السَّمَاءُ، وَتَتَنَاثَرُ النُّجُومُ، وَتَذْهَبُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ، وَيُنَادِي مناد، فيتبع الناس الصوت يؤمونه، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا عِوَجَ لَهُ، لَا يميلون

نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 278
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست